فوائد وهدايات من محاضرة ( الوصايا العشر المحكمات ) الشيخ خالد السبت
مقدمة
1- نزلت سورة الأنعام جملة واحدة في مكة .
2- موضوعات السور المكية : تقرير قضية التوحيد
والإيمان بالله تعالى ، وانفراد الله بالتشريع، وتقرير الإيمان باليوم الآخر ، وهي
القضايا التي يشغب حولها المشركون .
3- جاءت هذه الوصايا العشر في ثنايا هذه السورة ،
حينما رد الله عليهم ، وبيّن جهالات هؤلاء في التحريم والتحليل .
4- هذه الوصايا العشر جاءت في ثلاث آيات
5- قيل لها المحكمات ؛ باعتبار أنها أصول يرجع لها
غيرها، وهي ام تُنسخ ، ولا يتطرق لها النسخ ، لأن النسخ لا يتطرق للأصول الكبار
6- ذكر أهل العلم أن هذه الوصايا العشر المحكمات هي
في شرائع جميع الأنبياء ، ومما اتفق عليه الرسل في شرائعهم
7- جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه " من سره أن
يقرأ وصية محمد (رسول الله ﷺ ) التي عليها خاتمه ، فليقرأ هذه الآيات ( قل تعالوا
أتلُ ما حرّم عليكم ربكم ) إلى قوله ( لعلكم تتقون )"
الآية الأولى :
﴿قُل تَعالَوا أَتلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُم عَلَيكُم أَلّا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم مِن إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيّاهُم وَلا تَقرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالحَقِّ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ﴾ [الأنعام: ١٥١]
8- اشتملت أول آية على خمس وصايا
9- {قل تعالوا } :السورة مكية ، فالخطاب لجميع
الناس، ويدخل فيهم المشركون
10- {قل تعالوا }
هذا الأمر موجه للنبي ﷺ باعتبار أنه المبلغ عن
ربه ، وهذا دليل على أن الرسول ﷺ عبد لله ، يمتثل أمره ، وينقاد له كل الانقياد ،
وليس مشرعا من عند نفسه ، بل يوحى إليه
11- في قوله {تعالوا } عدة معان ٍ:
فهو يدعى به من كان بعيدا ، فلما كان هؤلاء في
حال من البعد لأنهم على الإشراك ، كأنهم في ناحية بعيدة عن الهدى
12- يؤخذ منها أن الهداية إنما تأتي لمن أقبل عليها (
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) ، أي كان له قلب وقاد ، وألقى السمع ، فهو يقصد
الاستماع مع حضور القلب، أما الذين يعرضون وينأون بأنفسهم فقد أصم الله أسماعهم ،
وأعمى أبصارهم ، وجعل على قلوبهم أكنة وأقفالا ، فلا يصل إليها من الهدى شيء
13- أيضا تدل على الارتفاع والعلو ، فمن يأتي للهدى
يصعد ويرتفع ، فإذا كان الإنسان متبعا لهوى نفسه والشيطان ، فإنه ينسفل ، لذلك قال
الله تعالى ( قد أفلح من زكاها ) فالزكاء فيه معنى النماء ، ( وقد خاب من دساها )
فالدّسّ والتدسية يدل على هبوط وانخفاض وضعة ، وهكذا تفعل الذنوب والآثام والجرائم
والشرك تدسّ صاحبها ، فمن أراد أن يرتقي ويعلو ويسمو ، فإن عليه أن يقبل على هذا
الهدى الكامل .
14- {أتلُ } التلاوة هنا بمعنى القراءة ، لأن القارئ
يتبع الألفاظ ، وهي في مواضع أخرى تكون بمعنى التلاوة والاتباع { واتلُ ما أوحي
إليك من كتاب ربك }
15- لاحظ في هذه الآية ( أتل ما حرم ربكم عليكم ) وفي
دعاء إبراهيم عليه السلام ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ) فذكر
التلاوة أولا ، لأنها أول درجة ومرحلة وممارسة ، التلاوة التي يحصل بها البلاغ .
16- الوصية تقال لما يكون من الأمر والنهي المؤكد .
17- (أتل ما حرم ربكم ) ينبغي على الإنسان أن يقبل
على كتاب الله فيتلوه ، ويكون له ورد في يومه وليلته لا يفرط فيه
18- ينبغي على الدعاة أن يتلوا على الناس كتاب الله
تعالى ويبينوا لهم ما حرم عليهم وما شرع
19- تأمل التعبير بقوله ( ربكم ) ذكر اسم الرب في
غاية المناسبة ، لأن من معانيه الذي يتصرف بخلقه ، فيأمر وينهى ويشرع ، ويحلل
ويحرم . وهم يقرون بالربوبية ، فكان إلزاما لهم بما وراء ذلك من الانقياد لكونه هو
المشرع وحده
،المعبود وحده دون سواه
20- التعبير بقوله ( حرم ربكم عليكم ) قال بعض أهل
العلم : لما قُصد به الذين يعبثون بالتحريم والتحليل ، ويشركون به غيره ، جاء في
هذا السياق ( حرم ربكم ) ، وفي سورة الإسراء كان المقصود أهل الإيمان فجاء التعبير
بقوله ( وقضى ربك ) أي حكم ووصى .
هذه الوصايا العشر في سورة الأنعام كلها من قبيل
المنهيات ، إلا الوصية الثانية ( وبالوالدين إحسانا ) والأخيرة ( وأن هذا صراطي
مستقيما فاتبعوه )
الوصية الاولى :
21- تأمل بداية الوصايا ( ألا تشركوا به شيئا ) : بدأ
بقضية التوحيد لأنها أصل الأصول ، وعليها مدار الفلاح ، وكل ما يذكر بعدها فهو
متفرع عنها
22- جاء الحديث عن التوحيد بالنهي عن الشرك ، وهذا
يستلزم الأمر بضده وهو توحيد الله تعالى ، بينما جاء الأمر بالتوحيد في وصايا سورة
الإسراء صريحا ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه )
23- {ألا تشركوا به شيئا } شيئا : نكرة في سياق النهي
، تدل على العموم ، أي لا تشركوا به شركا قليلا أو كثيرا ، ويدخل فيه كل أنواع
الشرك : الأكبر والأصغر والخفي ، وشرك الربوبية والألوهية والأسماء والصفات
24- إذا كان التوحيد من أهم المهمات وأول المطالب
وأول دعوة الرسل ، فينبغي أن يكون هو الأول فيما يوجه للناس ، وما يُدعون إليه
الوصية الثانية :
25- {وبالوالدين إحسانا }
لم يقل لا تعقوا الوالدين ، كما في الوصايا ،
فجاء بصيغة الأمر لا النهي ، وهذا له دلالة والله أعلم لأنه وضع في موضع الأمر
للمبالغة ، وللدلالة على أن ترك الإساءة في شأنهما لا يكفي ، بل لابد من كف الأذى
بأنواعه وإن قلّ، مع البر والحفظ وامتثال الأمر
{إحسانا } عبر بالمصدر وأطلقه ، فلم يقل إحسانا
بالقول أو الفعل أو المال ، ليشمل كل أنواع الإحسان . فيدل على كمال الإحسان وأنه
إحسان عظيم .
26- الأمر بالإحسان للوالدين يستلزم ترك الإساءة لهما
، فصار ذلك بدلالة اللزوم
جاء الأمر بالإحسان للوالدين بعد التوحيد ، وهذا
يتكرر في القرآن ، فالله هو الذي أوجدنا من عدم ، والوالدان هما سبب الوجود في هذه
الحياة ، وهذا الحق متقرر ثابت وإن كان الأبوان غاية التقصير
27- {وبالوالدين إحسانا } عداه بحرف الباء ، وقد
يعدّى بإلى ، والتعدية بالباء أبلغ ، وكأن ذلك الإحسان قد تغلغل في نفسه ، وكان
أعمق وألصق ، فلم يكتف أن يوصل الإحسان إليهما .
الوصية الثالثة :
{ولا تقتلوا أولادكم من إملاق }
28- لما ذكر ﷻ حق الله ثم حق الوالدين ، ذكر حق
الأقرب إلى الإنسان وهم أولاده
29- هذا النهي يفيد التحريم ، وجاء بعده فعل مضارع ،
فهذا التركيب يفيد العموم ، أي لا يحل قتلهم بحال من الأحوال
30- الأولاد
لفظ يشمل الذكور والإناث ، والمعروف أن العرب كانوا يقتلون الإناث
31- ذكر علة القتل { من إملاق } ، وهو الفقر ، يقال
:أملق أي افتقر ، كأنه لم يبقَ معه إلا الملقات وهي الصخور والحجارة الملساء التي
ليس فيها شيء
32- الله تعالى ذكر العلة وهي الفقر ، والمعروف أن
العرب كانوا يقتلون بناتهم خشية العار ، فهل هناك منافاة ؟
الجواب لا ، لأنهم كانوا يقتلون بناتهم خشية أن
تفتقر فتضطر بسبب الفقر أن تبيع عرضها ، وتواقع الفاحشة، وهي غيرة جاهلية مذمومة
33- لما كان سبب القتل { من إملاق } أي فقر واقع ،
قدم الله ﷻ رزق الآباء { نحن نرزقكم وإياهم } وفي سورة الإسراء لما كان الفقر
متوقعا { خشية إملاق } إذا كثر الأولاد ، قدم رزق الأولاد { نحن نرزقهم وإياكم }
وقد أخذ منه بعض أهل العلم أن الأبناء يكونون
سببا للرزق
34- لما كان الخطاب في الآية للجميع ، ويدخل فيه
الكفار ، دل ذلك على أن رزق الله لا يخلو منه أحد ، فالكفار تنالهم أرزاق الله عز
وجل {وما بكم من نعمة فمن الله }
35- ذكر قتل الأولاد على وجه الخصوص لانه من أشنع
الذنوب
36- في {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق } ، بمفهوم
المخالفة : هل يقال إذا كان قتلهم من غير إملاق فإن ذلك سائغ ؟ الجواب : لا
فهذا من المواضع التي لا يعتبر فيها مفهوم
المخالفة ، فإن الآيات إذا نزلت على وفاق واقع معين ، فإن مفهوم المخالفة لا يكون
حجة
مثل ذلك { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن
تحصنا } فلا يجوز إكراههن إن كن يردن البغاء
الوصية الرابعة
{ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن }
37- الفواحش جمع فاحشة وهي الذنب العظيم ، وما اشتد
قبحه من الذنوب والمعاصي
38- قيل الفواحش : الزنا
ما ظهر منها : الإعلان به ، وما بطن : الإسرار
وقيل
ما ظهر : الخمر ونكاح المحرمات ، وما بطن : الزنا
وقيل
ما ظهر : الخمر وما بطن : الزنا
وقيل عام في الفواحش المعلنة وما كان سرا
وقيل : ما ظهر من أفعال الجوارح ، وما بطن : من
أفعال القلوب
وقيل : ما ظهر : البغاء ، وما بطن : اتخاذ الخلان
39- {ولا تقربوا } النهي للتحريم ، وهذا التركيب مع
لا الناهية يفيد العموم ، والعموم يتوجه لأربعة أمور : عموم الأفراد، وعموم
الأحوال ، وعموم الأمكنة ، وعموم الأزمنة
40- {ولا تقربوا } لم يقل : لا تأتوا أو تمارسوا ،
فالنهي عن القربان يدل على المباعدة ، فهو نهي عن كل ذريعة توصل إليه
فما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام وتركه واجب
41- قوله { ما ظهر منها } قد يحترز الإنسان من مقارفة
الفواحش الظاهرة ، إما خوفا من الناس أو حياء منهم ، أو من أجل سمعة الأسرة
والعائلة، أو خوفا على منصب ، ونحو ذلك ، لكنه يفعله سرا ، فهنا تربية إيمانية
عميقة
42- {وما بطن } فيه دعوة لتطهير الباطن من كل الآفات
، كالرياء والسمعة ، وحب الظهور والشهرة ، والتوكل على غير الله ، وسوء الظن بالله
كل الأشياء المذكورة في الآية هي من الموبقات
الوصية الخامسة :
{ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق }
43- هذا أيضا نهي يدل على التحريم ، والتركيب يدل على
العموم ، فلا يحل قتل نفس أي نفس ، على أي حال ، في أي زمان ، وأي مكان ، إلا ما
استثناه الله ﷻ
قتل النفس داخل في عموم الفواحش ، فهو من الذنوب
العظام ، وإنما خص لشناعته وشدته
44- {إلا بالحق } فلا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث :
الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة
45- ملاحظة : المنهيات التي تميل لها النفس وتدخل
فيها الأهواء والشهوات ، يأتي النهي عنها بتعبير { ولا تقربوا }
أما غيرها فالنهي فيه مباشرة { ولا تقتلوا }
46- {ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون } أي يكون سببا
للعقل ، فمن خالف ذلك فهو سفيه
47- قاعدة : الحكم المعلق على وصف يزيد بزيادته وينقص
بنقصانه ، فدل ذلك على أن من راعى حدود الله عز وجل ، فهذا أتم وأكمل في عقله ،
وبحسب عقل العبد يكون قيامه بأمر الله عز وجل ومراعاة حدوده
48- كلمة (لعل) في القرآن هي للتعليل ، إلا في موضع
واحد { وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون } أي كأنكم تخلدون
الآية الثانية
﴿وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي
هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ بِالقِسطِ لا
نُكَلِّفُ نَفسًا إِلّا وُسعَها وَإِذا قُلتُم فَاعدِلوا وَلَو كانَ ذا قُربى
وَبِعَهدِ اللَّهِ أَوفوا ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ﴾ [الأنعام:
١٥٢]
الوصية السادسة
{ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن }
49- هذا نهي للتحريم ،، ولا الناهية مع الفعل المضارع
تتوجه للعموم : عموم الأفراد والأحوال والأمكنة والأزمنة
50- {ولا تقربوا } جاء النهي بعدم القربان ، لأن ما
فيه طمع جاء النهي عن قربانه ، فإذا كان النهي عن مجرد القربان فهو أبلغ ، وهذا
يدل على رعاية وعناية الشارع بالضعفاء ، وسعة رحمته ، فلا يكون اليتامى عرضة لذوي
النفوس الدنيئة
51- {إلا بالتي هي أحسن } مقال " إلا بالحسن
" ليشمل ذلك الناحيتين الدنيوية والشرعية ، فما كان فيه تثمير للمال مع محرم
أو شبهة فإنه يترك ويلجأ للحلال
52- في الآية دلالة على عناية الشارع باليتيم ، ومن
ثمّ فإنه لا يلي مال اليتيم من كان ضعيفا سواء كان الضعف في العقل والتفكير ، أو
كان الضعف في القدرات باعتلاله ومرضه ، أو ضعف في الوازع الديني
الوصية السابعة
{وأوفوا الكيل والميزان بالقسط}
53- الوفاء بمعنى التكميل ، وقد يدل على معنى الزيادة
، وهذا يدل على النهي عن ضده ، وهو النقص
54- المكاييل والموازين هي التي يكون بها قوام حياة
الناس ومعايشهم ، فإذا حدث التطفيف فإن ذلك ترتفع معه الثقة في التعاملات ، ويكون سببا
لتعريض مصالح الناس للضياع والبخس ، ويؤثر في مروءات الناس
55- {لا نكلف نفسا إلا وسعها}
هذه الشريعة ليس فيها تكليف بما لا يطاق ، فالله
دفع عن هذه الأمة الآصار والأغلال ، وهذا يدل على سعة الشريعة ورحمة الله بالخلق ،
وأنه كلفهم بما يطيقون ، فينبغي للعبد أن يبادر بالقيام بشرائع الدين ، وألا
يستثقل ذلك ، فقد كلفه الله أمورا تدخل في وسعه ، وما كان خارجا عن وسعه فهو معفوّ
عنه
الوصية الثامنة
{وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى }
56- هذا الأمر للوجوب ، وليس من التفضل والإحسان
للناس
57- إذا ذكر الله العدل في الأقوال ، كان العدل في
الأفعال والمزاولات من باب أولى
58- {ولو كان ذا قربى } لو يقال عنها وصليّة ، تفيد
المبالغة في الحال التي من شأنها أن يظن السامع عدم شمول الحكم إياها ، لاختصاصها
من بين الأحوال
الوصية التاسعة
{وبعهد الله أوفوا }
59- أي بوصية الله التي أوصاكم بها ، وهي أن يطيعوه
فيما أمرهم به ونهاهم عنه ، وأن يعملوا بكتابه ،، وسنة رسوله
60- هذا الوفاء بالعهد يشمل جميع ما عهده الله لعباده
، ويدخل فيه ما يقع بين الناس من عهود فهم مأمورون بحفظها ،وكذلك ما أوجبه الإنسان على نفسه من النذور
الآية الثالثة
﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ
وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ
لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾
[الأنعام: ١٥٣]
الوصية العاشرة
61- صفة المستقيم للصراط هي صفة كاشفة وليست مقيدة ،
لأن الصراط في اللغة لا يقال إلا لما كان مستقيما
62- أضاف الله ﷻ الصراط إلى نفسه ( صراطي ) لأنه هو
الذي رسمها وشرّعها
المستقيم : هو القويم الذي لا اعوجاج فيه ، وهو
دين الإسلام واتباع الكتاب والسنة
63- { وأن هذا صراطي } فهو صراط واحد ، فالطريق
الموصل لله واحد ، وهي التي شرعها ، فلا يجوز للإنسان أن يبتدع لنفسه طريقا يعبد
الله بها ، أما السبل فجاءت مجموعة
64- {فاتبعوه} هذا الأمر للوجوب ، فلا نجاة لهم بغيره
65- {ولا تتبعوا السبل } هذا النهي للتحريم ، فيدخل
فيه الأديان والملل غير الإسلام
66- {فتفرق بكم } التعبير بالفاء يدل على ترتيب ما
بعدها على ما قبلها ، وعلى التعقيب المباشر ، وعلى التعليل ، فمن شأن اتباع هذه
السبل أن تؤدي بمتبعها إلى التفرق عن سبيل الله ، والنأي عنه والانحراف والضلال
67- {لعلكم تتقون } أي من أجل أن تتقوا ، وإذا فسرت
بالترجي فيكون ذلك بمعنى " من فعل ذلك وبذل جهدا لعله يكون من المتقين "
، فكيف لمن لم يرفع به رأسا أن يرجو أن يكون متقيا
ما سبب ختم الوصايا العشر المحكمات في سورة
الأنعام بقوله { لعلكم تعقلون } ( لعلكم تذكرون ) { لعلكم تتقون } ؟
68- {لعلكم تتقون } علل بعض أهل العلم هذا الختم لأن
الحديث عن الصراط المستقيم ، فيشمل الشريعة كاملة ( الأوامر والنواهي ) ، فإذا
اتبعها السالك صار متقيا
69- وقيل :
الآية الأولى اشتملت على أمور عظيمة ، والوصية
فيها أبلغ من غيرها ، فختم بأشرف ما في الإنسان وهو عقله { لعلكم تعقلون } ،
والآية الثانية اشتملت على أربع وصايا يقبح ارتكابها ، والوصية بها تجري مجرى
الوعظ والزجر ، فختمها بـ {لعلكم تذكرون } ، والآية الثالثة عن الصراط المستقيم
واتباعه وترك ما يخالفه ، فختمت بالتقوى التي هي ملاك العمل وخير الزاد
70- وقيل : الآية الأولى اشتملت على خمس أمور ظاهرة
يدركها العقل ، ويدرك قبحها ، ويدل عليها النقل ، فختمت بقوله ( لعلكم تعقلون ) ،
أما القضايا الأربعة في الآية الثانية فهي قضايا غامضة ، لا بد لها من الاجتهاد
والفكر ، حتى يقف المرء على موضع الاعتدال فيها ، فهي تؤثر في الأهواء والشهوات
والغرائز ، وهذه تعمي وتصمّ ، فاتبعت بترجي التذكر ، لأن من تذكر أبصر ، فعقل
وامتنع
ولما كانت هذه الوصايا العشر مما اتفقت عليه
الشرائع ، ولم تنسخ في ملة من الملل ، وأن من أخذ بها كان سالكا للصراط المستقيم ،
عقّب ذلك بقوله ( لعلكم تتقون )
71- وأسهل من ذلك وأوضح أن يكون ذلك على سبيل التدرج
، فالإنسان يعقل أولا عن الله ، ثم يحصل له التذكر ، فإذا حصل له التذكر اتقى الله
في نفسه ، فجاءت متدرجة حسب الوقوع
72- كل الآيات ختمت بتكرار {ذلكم وصاكم به } تأكيدا
للوصية ، وتجديدا للعهد
..............................................
رابط المحاضرات على اليوتيوب
الوصايا العشر المحكمات - الجزء الأول - الشيخ خالد السبت
الوصايا العشر المحكمات - الجزء الثاني - الشيخ خالد السبت
رابط المحاضرات على اليوتيوب
الوصايا العشر المحكمات - الجزء الأول - الشيخ خالد السبت
الوصايا العشر المحكمات - الجزء الثاني - الشيخ خالد السبت
ليست هناك تعليقات